حوار: ميساء شديد
ما
بعد صدور القرار الاتهامي بالنسبة لحزب الله كما قبله، فالقرار ليس بجديد
إن لجهة مضمونه الذي كان معروفاً للجميع أو لجهة تسييسه وعدم استناده الى
الأدلة الملموسة والبراهين المقنعة. وهنا يستمر حزب الله في معركته من أجل
تفنيد القرار قانونياً لوضع حد للإساءة للمقاومة وتبيان عدم مصداقية
المحكمة وانطلاقاً من حرص حزب الله على الحقيقة في قضية تعنيه كما كل
اللبنانيين.
في هذا الإطار كانت المقابلة التي أجراها موقع "الانتقاد" مع وزير التنمية
الإدارية محمد فنيش ومعه كان حديث في خطة الكهرباء التي يفضل تسميتها "خطة
طوارئ ملحة وضرورية"، والتعيينات الإدارية حيث يؤكد أن الكرة اليوم في ملعب
الوزراء الذين عليهم الإسراع في اختيار اسماء مرشحيهم لمناقشتها في مجلس
الوزراء.
ـ ماذا بعد صدور القرار الاتهامي بالنسبة لحزب الله؟
القرار لم يصدر اليوم بل صدر يوم نشرته الصحف الأجنبية وسمعناه
على لسان غابي اشكينازي والـ"cbc" حيث جاء مطابقاً لما كنا نقوله بأن هذا
التحقيق وهذه المحكمة مسيسان ولا يتمتعان بأي صدقية، والهدف منهما توظيف
جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من أجل غايات وأهداف سياسية لها علاقة
بوضع لبنان وموقعه ودوره وتأثير المقاومة في هذا الموقع ومعادلة الصراع.
أما ماذا بعد صدور القرار فكما قبل صدوره، إذ إنه حين سقطت صدقية المحكمة
أسقطت الأخيرة نفسها وجعلت نفسها خارج سياق البحث عن الجناة الحقيقيين
وخارج تحقيق العدالة والوصول الى الحقيقة. اما الهدف الذي يجب أن نلتفت
إليه دائماً ونكون حريصين من أجل قطع الطريق عليه وتجنبه، فهو الوصول إلى
مشكلة بين مكونات المجتمع اللبناني، وتحديداً بين السنة والشيعة على امتداد
المنطقة، ونحن نرى بأعيننا المشاريع السياسية والأدوات السياسية المستخدمة
وتوسل الخلافات المذهبية وتسعير حمى الخلافات المذهبية للوصول إلى هذه
الغايات السياسية. بعد القرار تكون المسؤوليات مضاعفة رغم الوعي الذي برز
عند صدور القرار وبعد نشر مضمونه حيث كان هناك وعي لدى اللبنانيين لما يحاك
لهذا البلد وردّ الفعل كان طبيعيا، ولم يحدث أي اشكال، وهذا نابع من تبيان
حقيقة هذه المحكمة للرأي العام اللبناني، وناشئ عن دور كبير كما قال
الأمين العام لحزب الله، لقيادات على مستوى عالٍ من الوعي والادراك لمصلحة
البلد، وهذه القيادات لا تسقط في فخ الألاعيب السياسية وتنأى بالمجتمع
والشعب اللبناني ان يكونا مرة أخرى أداة لخدمة مصالح ومشاريع بعيدة عن
مصلحة الشعب اللبناني ومصلحة الوطن.
ـ إلى أي مدى يمكن أن يظل الرأي العام محصّناً في ظل الحملة المستمرة للفريق الآخر والتي يبدو أنها ستتصاعد في الأيام المقبلة؟
أنا أعتقد ان جماعة 14 آذار تبحث عما يعطيها حضوراً، وجعلت نفسها ـ
بكل أسف ـ جزءاً من مشروع امريكي يخدم مصلحة العدو الاسرائيلي بالإساءة
للمقاومة، ونحن نرى أداءها وممارستها، فهي تختلق الأكاذيب، وما إن تقع
حادثة لا تنتظر نتيجة التحقيق فيها بل تلقي أحكامها مسبقاً. هناك ضخ وبث
سموم وأكاذيب وافتراءات في معركة واضحة الأهداف وهي الإساءة للمقاومة
ونموذجها.
ـ بماذا تعلّقون على التبني السريع والكامل لفريق 14 آذار والنائب
سعد الحريري للقرار الاتهامي على الرغم من كل الشوائب القانونية الموجودة
فيه؟
أود أن أذكّرهم بأمرين، الأول حين كنا نقول إن هذا القرار تم
تسريبه، كانوا يواجهوننا بأن هذا الكلام خطأ، هم يعتقدون ان ذاكرة الناس
ضعيفة، وأنا أذكّرهم بأنهم كانوا يردّون علينا حينها: كيف تعرفون أن هذه
المحكمة مسيسة ومن قال لكم ان القرار سيكون على هذا الشكل؟
الأمر الثاني حين كنا نقول ان هذا القرار اتخذ موقفاً مسبقاً وهو يبحث عن
كيفية تثبيت هذا الموقف وتشويه صورة المقاومة. كانوا يقولون بأنه إذا صدر
القرار ولم يكن مستنداً الى دليل ملموس ومقنع فنحن سنقف في وجهه. بعد أن
قرأ الجميع هذا القرار نسأل أين الادلة الحسية؟، فقرينة الاقتران المكاني
والاستنتاجات والاحتمالات والفرضيات ليست مبنية على دليل حسي بل على
الاستنتاج، وأكثر من ذلك "يقول بلمار إن هؤلاء (من يتهمهم القرار) كلهم
لديهم القدرة لأنهم نفذوا اعمالاً سابقة"... في ما يبدو كأنه محاكمة على
اتهامات سابقة وفتح لملفات سابقة من قبل محكمة دولية شكلت على أساس كشف
الحقيقة في جريمة واضحة وهي تعود لتَبني على سوابق. وهنا نقول "إن
الاسرائيليين لديهم سوابق في الاغتيالات، وهناك الكثير من الجهات الموجودة
في لبنان لديها سوابق في الاغتيالات، فلماذا لا تضعون هؤلاء ضمن الفرضيات
ولا سيما أن السيد حسن نصر الله قدّم الكثير من القرائن والمعطيات التي لم
يؤخذ بها.
وهنا
أسأل فريق 14 آذار لا سيما الحقوقيين منه "أين الالتزام الذي قدمتموه
للشعب اللبناني برفض القرار في حال لم يستند إلى أدلة ملموسة؟".
نحن إذاً أمام مجموعة لا تعنيها الموضوعية ولا التحقيق القضائي ولا معرفة
الحقيقة، بل حسابات سياسية ضيقة فقط تعتقد أنها تخدم مصلحتها من خلال إرضاء
من يناصب المقاومة العداء. وأصبح من المعروف أنه ليس لدى هذه المجموعة من
مصداقية في ما يصدر عنها من مواقف.
ـ كان هناك العديد من المؤتمرات الصحافية لتفنيد ما كان يتم تسريبه من القرار الاتهامي قانونياً، هل هذه المعركة مستمرة اليوم؟
نحن نشعر بمسؤولية كبيرة في أن نمنع مثل هذا الافتراء بحق
المقاومين وهذه الإساءة للمقاومة، ونعتقد أيضاً أن دورنا يقضي بأن نبين
للبنانيين ما نراه من عدم صدقية في مسألة تعنينا كما تعني كل لبناني وهي
معرفة حقيقة من اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وبالتالي معركتنا مع
تفنيد افتراءات هذه المحكمة وهذا التحقيق ومعركتنا مع هذا القرار بكشف حججه
المتهافتة مستمرة.
ـ ماذا عن دور الحكومة، ما الذي ينتظره حزب الله منها في هذا الموضوع؟
الحكومة مكونة من فرقاء سياسيين وكل مجموعة لها رأي، ونحن رأينا
معروف، وبناءً على هذا الاختلاف في المكونات والتباين في كيفية مقاربة
الأمور هناك شيء مشترك يعبر عنه من خلال رفض التسييس والتمسك بالحقيقة
والحكومة تحكي مبادئ، وهي تحترام القرارات الدولية، ووفق هذا الإطار تمارس
أداءها.
ـ ما تعليقكم على قرار فرانسين ضم قضايا الياس المر ومروان حمادة وجورج حاوي الى قضية الرئيس الحريري؟
القرار الاتهامي: معركتنا مستمرة من أجل وضع حد للإساءة للمقاومة وتبيان عدم مصداقية المحكمة |
هذا الموضوع يشكل إدانة، فحتى الكلام عن الشبكات الهاتفية لم يأت القرار بمضمون المكالمات التي استند اليها بل هو افترض بالتلازم المكاني. بناءً على هذه الأدلة كلها نقول إن هناك محاولة للاستمرار في التدخل بالشأن السيادي ولكي يبقى هذا السلاح مستخدماً للغايات الطائفية المعروفة وللتحريض، وخصوصاً أن هناك أناساً مصابين يتم استغلال ألمهم وتعاطف الناس معهم من أجل تحويل الأنظار عن المجرم الحقيقي باتجاه غايات سياسية، وخصوصاً أن الضحايا لهم انتماء سياسي مختلف، وبالتالي حتى يبقى هذا الشحن الداخلي قائماً في السياسة وفي الإطار المذهبي. ـ ونحن نتحدث عن القرار الاتهامي لا يمكن الا ان نسأل عن ملف شهود الزور؟
ملف شهود الزور موجود وهو واحد من الأدلة على عدم صدقية المحكمة والذين ضللوا التحقيق. وهذه المحكمة التي بنت على شهود الزور لتزج الضباط الاربعة في السجن ولتوجيه الاتهامات لسوريا فجأة اعتبرت نفسها غير معنية. على الأقل دعونا نعرف من وراء من ضلل التحقيق ووفق أي خلفية. هذه المحكمة اعتبرت أن لا علاقة لها بشهود الزور، وبالتالي هذا الملف من الأدلة على عدم صدقية المحكمة وعلى عدم اعتماد المهنية الصحيحة، وسيبقى هذا الملف متابعاً ولن يسقط.
ـ أين وصل النقاش في موضوع خطة الكهرباء؟
بالنسبة
للكهرباء الموضوع يجب أن يكون واضحاً عند كل اللبنانيين، مهما كانت
التباينات في الآراء هناك خطة تم إقرارها في مجلس الوزراء السابق، وهذا ليس
موضوعاً سياسياً، فكل المكونات السياسية من معارضة وموالاة في حكومة
الوحدة الوطنية شاركوا في إقرارها وعرضت في مجلس الوزراء. وبمعزل عما إذا
كانت هناك آراء مختلفة، فإن هذا الشق من موضوع الكهرباء مهما كانت الخطط
والتصورات أمر لا بد منه لأنه يتعلق بموضوع طارئ حتى نتمكن من تأمين
استمرارية التغذية بعدد محدد من الساعات وإمكانية إطفاء بعض المعامل لإجراء
الصيانات اللازمة وبالتالي لا بد من إنشاء بعض المحطات لمعالجة مشكلة
المناطق، ولا بد من إنشاء بعض المحولات والشبكات وخطوط النقل ومعمل إنتاج
لزيادة ساعات التغذية لعدد محدد.
هذا الجزء من الخطة هو القسم الطارئ منها أو خطة الطوارئ، وهي وردت في
موازنة 2010 وبالتالي لا داعي لخلق إشكالات ووضع عراقيل، فهذا أمر لا يمس
بوزير أو فريق سياسي، بل يعني كل البلد، وفوائد هذه الخطة إذا نفذت لمصلحة
كل اللبنانيين، وإذا تمت العرقلة فإن المتضرر هو كل اللبنانيين، والفشل في
هذا المجال هو فشل للبلد والاقتصاد ومالية الدولة، وستكون له انعكاسات على
الكثير من المسائل التي تهم كل اللبنانيين، كما سيكون له انعكاسه على
الحكومة ككل. يمكنني القول إن هذه الروحية هي التي حكمت المناقشات في جلسة
مجلس الوزراء الأخيرة، وأعتقد ستكون هناك جلسة أخرى لمزيد من التوضيح
والأمور ستعالج.
ـ أي سيتم التصديق على مشروع القانون في جلسة مجلس النواب المقبلة؟
يفترض ذلك ان شاء الله.
ـ ماذا عن موقف تيار المستقبل من هذه الخطة؟
الكهرباء: الخطة المطروحة ملحة وضرورية ولا بديل عنها |
ـ هل ستتابع خطة الكهرباء تدريجياً وهل هناك من مدى زمني؟
هذه الخطة تمتد على خمس سنوات وقد تمتد لأكثر من ذلك. إذ إن موضوع
تطور حاجة الاقتصاد والاستهلاك يقتضي أن يكون هناك مخطط توجيهي يتناول
موضوع الكهرباء إن على صعيد النقل أو الانتاج أو الإدارة أو الوضع المالي
أو على صعيد تنظيم هذا القطاع. هذا الأمر يفترض أن يتم التركيز عليه لاحقاً
في إطار الخطة الموجودة ويمكن أن تكون هناك آراء مختلفة. لكن هذا القسم
الذي له علاقة بقانون البرنامج وجرت مناقشته في مجلس النواب يجب أن لا يكون
هناك خلاف حوله.
التعيينات الإدارية: لا يمكن الحديث عن تجاذبات سياسية قبل البدء بمناقشة الأسماء |
ـ هل من سقف زمني محدد في ظل الشواغر الموجودة اليوم؟
أنجزت ملفات وتم إقرارها، وكلما أنجز ملف سنناقشه، فمجلس الوزراء
يعطي هذا الموضوع أولوية، ولكن المطلوب من الوزراء أن يسرعوا في متابعة هذا
الملف.
ـ ماذا عن التجاذبات السياسية التي غالباً ما تكون هي السبب المباشر وراء التأخير في التعيينات؟
لا نستطيع أن نحكم مسبقاً بأن التباينات السياسية هي التي تحكم ما
دام أننا لم نتسلم أسماء المرشحين من الوزراء المعنيين الذين هم مطالبون
بتكثيف جهودهم وإعطاء الموضوع أولوية من اهتماماتهم رغم انشغالاتهم خصوصاً
الوزراء الذين لديهم شواغر في إدارتهم.